السقوط

ألبير كامو - ترجمة: مصطفى جمال

من هو القاضي التائب؟ أها.. يبدو أنني قد أثرت فضولك بهذا الأمر. لم أقصد خداعك بذلك صدقني، ويمكنني شرح ذلك بشكلٍ أوضح. في الواقع، هذا يعد جزءًا من مهامي الرسمية. ولكن أولًا يجب أن أقدم لك عددًا معينًا من الحقائق التي ستساعدك في فهم قصتي. قبل بضعة أعوام كنت محاميًا في باريس، بل وكنت محاميًا مشهورًا إلى حدٍ ما. بالطبع، لم أخبرك باسمي الحقيقي. ولكن في الواقع كان لدي اهتمام خاص للغاية: بالقضايا النبيلة. خاصة الأرامل والأيتام، كما يقال - لا أعرف لماذا، على الرغم من أن هناك غالبا أراملَ خبيثات وأيتامًا غاضبين. ومع ذلك، كان يكفي بالنسبة لي أن أضفي عطرَ الضحية المسكينة على موكلي من أجل أن أفوز بالقضية كي أصولَ وأجولَ. فيا له من انتصارٍ عظيم! وكأنه إعصار حقيقي! كان قلبي قويًا، حتى أنني كنت أعتقد أن العدالة تنام معي كل ليلة. أنا متأكد أنك كنت ستعجب بصدق نبرات صوتي العالية، وتناغم انفعالاتي، وقوة إقناعي، والاستياء المتحفظ من مرافعاتي أمام المحكمة. الطبيعة كانت مواتيةً لي من حيث قوة جسدي، والسلوك النبيل ينبع من داخلي بلا جهد. علاوة على ذلك، كنت مدعومًا بشعورينِ صادقينِ يتيحان لي فرصة أن أحلق عاليًا: الارتياح لكوني على الجانب المحق من القضاء، وازدراء غريزي للقضاة بشكلٍ عام.